العين حق

يحرصُ المسلم على أن لا يَـعينَ ولا يُـعانَ ما استطاع إلى ذلك سبيلاً,.


فعن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (العين حق ,ولو كان شيءٌ سابقَ القدر لسبقته العين ,وإذا استُـغسلتم فاغسلوا) رواه مسلم .


قال النووي في شرحه: فِيهِ إِثْبَات الْقَدَر ... فَلَا يَقَع ضَرَر الْعَيْن وَلَا غَيْره مِنْ الْخَيْر وَالشَّرّ إِلَّا بِقَدَرِ اللَّه تَعَالَى . وَفِيهِ صِحَّة أَمْر الْعَيْن ; وَأَنَّهَا قَوِيَّة الضَّرَر . اهـ


وروى أبي نعيم في الحلية والخطيب البغدادي في تاريخه وحسنه الألباني عن جابر رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: العين تدخل الرجل القبر، وتدخل الجمل القدر) .


أي تصيب الرجل فتقتله فيدفن في القبر، وتصيب الجمل فيشرف على الموت فيذبح ويطبخ في القدر .


وقد قرر علماء أهل السنة أن العين حق ، وأنها تُمرض وتقتل، وحقيقتها كما ذكر القسطلاني: نظر المعيان لشيء باستحسان، مشوب بحسد، فيحصل للمنظور ضرر بعادة أجراها الله تعالى .


وتسمي العرب العائن بالتلقاعة، مبالغة من اللقع وهو الرمي، وتطلق العامة على العين النضل والنحت .


وإذا كانت العين من الحق ، فكيف السبيل إلى التوقي منها واستدفاعها؟


إن من أعظم ما تستدفع به العين


تجديدَ العبد لعهد الافتقار والذلة والانكسار لله والحاجة لحفظ الله ورعايته له, بقراءة أذكار الصباح والمساء فقائلها لا يضره شيء بإذن الله, فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يعوذ الحسن والحسين ويقول (إن أباكما كان يعوذ بها إسماعيل وإسحاق أعوذ بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة ومن كل عين لامة) صحيح البخاري.


ومما تُستَدفع به العين ستر ما يخاف عليه إن أمكن ذلك كما فعل يعقوب عليه السلام حين أمر بنيه أن يدخلوا من أبواب متفرقة لحاجة في نفسه قال المفسرون إنه أراد أن يدفع ضرر العين عنهم .


وكما فعل الخليفة عثمان رضي الله عنه عندما رأى صبياً صغيراً حسن الهيئة، فقال: دسموا نونته، أي سوّدوا الدائرة التي تكون في خديه، حتى تنصرف الأعين عنه .


وإذا وقعت العين وحل ضررها بالبدن فإن شرها يستدفع بالرقى والتعاويذ الشرعية الثابتة, ولتجنب الإضرار بالعين شرع الله لنا عند الإعجاب بهيئة المسلم أو حاله أو ماله أو ولده أن نقول: ما شاء الله لا قوة إلا بالله، كما قال تعالى في قصة صاحب الجنتين وصاحبه: (ولولا إذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله لا قوة إلا بالله ) , قال ابن كثير رحمه الله في تفسيره: قال بعض السلف : من أعجبه شيء من حاله أو ماله او ولده فليقل: ما شاء الله لا قوة إلا بالله .


ونقل القرطبي عن الإمام مالك رحمه الله أنه قال: (ينبغي لكل من دخل منزله أن يقول: ما شاء الله لا قوة إلا بالله) .


ومما يستدفع به ضرر العين التبريك - وهو قول: اللهم بارك فيه أو بارك له أوعليه ، أو ما شاء الله تبارك الله – كما جاء في قصة سهل بن حُنيف عندما عانه عامر بن ربيعة .


وقد روى هذه القصة الإمام أحمد وابن ماجه ومالك وغيرهم عن سهل بن حنيف رضي الله عنهأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَرَجَ مع أصحابه نَحْوَ مَكَّةَ حَتَّى إِذَا كَانُوا بِشِعْبِ الْخَزَّارِ مِنْ الْجُحْفَةِ، اغْتَسَلَ سَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ، وَكَانَ رَجُلًا أَبْيَضَ حَسَنَ الْجِسْمِ وَالْجِلْدِ، فَنَظَرَ إِلَيْهِ عَامِرُ بْنُ رَبِيعَةَ وَهُوَ يَغْتَسِلُ فَقَالَ: مَا رَأَيْتُ كَالْيَوْمِ وَلَا جِلْدَ مُخَبَّأَةٍ!! (أي الفتاة في خدرها) فَلُبِطَ سَهْلٌ (أي صُرع وسقط على الأرض) فَأُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقِيلَ لَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ لَكَ فِي سَهْلٍ، وَاللَّهِ مَا يَرْفَعُ رَأْسَهُ وَمَا يُفِيقُ، قَالَ: هَلْ تَتَّهِمُونَ فِيهِ مِنْ أَحَدٍ؟ قَالُوا: نَظَرَ إِلَيْهِ عَامِرُ بْنُ رَبِيعَةَ، فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَامِرًا فَتَغَيَّظَ عَلَيْهِ، وَقَالَ: عَلَامَ يَقْتُلُ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ، هَلَّا إِذَا رَأَيْتَ مَا يُعْجِبُكَ بَرَّكْتَ، ثُمَّ قَالَ لَهُ: اغْتَسِلْ لَهُ، فَغَسَلَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ وَمِرْفَقَيْهِ وَرُكْبَتَيْهِ وَأَطْرَافَ رِجْلَيْهِ وَدَاخِلَةَ إِزَارِهِ فِي قَدَحٍ، ثُمَّ صُبَّ ذَلِكَ الْمَاءُ عَلَيْهِ، يَصُبُّهُ رَجُلٌ عَلَى رَأْسِهِ وَظَهْرِهِ مِنْ خَلْفِهِ، يُكْفِئُ الْقَدَحَ وَرَاءَهُ، فَفَعَلَ بِهِ ذَلِكَ، فَرَاحَ سَهْلٌ مَعَ النَّاسِ، لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ .


وقد أفاد الحديث أن المَعين إذا عرف عائنه فإنه يشرع له أن يطلب منه الوضوء والاغتسال, ويجب على من طُلب منه الاغتسال أن يمتثل ولا يكابر في ذلك لقوله صلى الله عليه وسلم(وإذا استُـغسلتم فاغسلوا) . قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: وظاهر هذا الأمر الوجوب .










































ليست هناك تعليقات: